تعالى ناخد اجازة مع بعض مش من بعض؟!

الصيف اجازة مع بعض مش من بعض؟!!!

ها هو الزائر المنشود يأتي من جديد، الزائر العزيز على قلب الجميع، المحبوب لدى الكبار والصغار، الكبار لأنه يكون فيه الأجازات من الأعمال الثقيلة التي أرهقتهم طوال الشهور السابقة، والصغار لأن فيه العطلة من الدراسة والمدرسة والاستيقاظ مبكراً والاستذكار والامتحانات التي تكون بمثابة حمل نفسي عليهم إنه الصيف.

مرحباً أيها الفصل المحبب إلى قلبي شخصياً فأنا أكره الشتاء والبرد والاستيقاظ مبكراً لإيقاظ أولادي للذهاب للمدرسة، والشعور بتجمد أطرافي والبقاء في غرفة بها مدفأة ليلاً والاضطرار لعدم الخروج لأن الجو بارد.. حتي إقامة المناسبات العائلية نؤجلها لأن الجو بارد.. وعدم الذهاب إلى المدن الساحلية الجميلة لأن الجو بارد.. يا إلهي!! كم تحول بيننا وبين متعتنا أيها الشتاء وإني لأتعجب لهؤلاء القوم الذين يفضلون الشتاء على الصيف، ولا أفهم منطقهم حقاً، فلماذا يحبون عذاب النفس؟! عموماً.. للناس فيما يعشقون مذاهب.

إذن الصيف حقيقة ذات وجه مشرق في حياتنا.. نعم.. لا أحد ينكر ذلك، ولكن للأسف... فإن لها وجهاً آخر!! وللأسف أيضاً فإن هذا الوجه قبيح، بل أحياناً شديد القبح.. وربما قد يحمل كارثة أو كوارث.. استر يا رب..

كواليس..

نعلم جميعاً أن قضاء الصيف في هذا الزمان يكون في الغالبية العظمى من الحالات بالمدن الساحلية.. وأنا ها هنا أتحدث بالطبع عن الطبقة الاجتماعية القادرة على ذلك مادياً، وهى الشريحة التي يحيط بها ذلك الخطر الذي سنعرض له اليوم في لقائنا هذا عسى أن ينتبه الآباء والأمهات له ويمنعونه عن أبنائهم وبناتهم قبل أن نجلس لنبكى على اللبن المسكوب ونندم حيث لا ينفع الندم، ثم نبحث عن العلاج لحالة قد تكون آنذاك مستعصية على العلاج.

و بحكم قربى من هذه الفئة العمرية للشباب أثناء اجتماعاتي بهم فى الكورسات التي أدرس لهم القدر المناسب من الثقافة الجنسية، أصبحت ملمة بكواليس كثيرة قد تكون غائبة عن الأهل، فأولئك الآباء والأمهات الذين أتهم فئة منهم بالتقصير في حقوق أبنائهم، يعتبرون –خطأ- أن الأجازة الصيفية التي يقضونها في أي من الأماكن أو المنتجعات أو القرى السياحية، هي أجازة من كل شيء حتي من رقابتهم على أولادهم، وهذا هو عين الخطأ بالطبع، فالمسألة ليست المكان، ولكنها علاقة بين جانبين في معادلة واحدة وهى "التربية"، وهذان الطرفان لهذه المعادلة هما "الأبناء والمعطيات حولهم"، وهما كفتان لميزان واحد نتحكم نحــــن (كأولياء أمور من آباء وأمهات ) في ضبط الأمور بالنسبة له، ومراقبة توازنه وإنقاذه من الاختلال بتدخل سريع يعيد إليه اعتداله مرة أخرى، وكلما كان ذلك مبكراً كان سهلاً ويسيراً، وكلما تأخر استفحلت الأمور وتعقدت وصعب التحكم فيها أو تغييرها.

حقيقة مسلمة..

من الأشياء الشهيرة المحيطة بالمصيف والتي أخذت مكاناً يكاد يكون حقيقة مسلمة هو "التخفف"، ربما تكون كلمة غير مألوفة أو غير معروفة للأذن بالمعنى الذي أقصده، ولكنى أقصدها بمعناها الأشمل، سواء تخفف شكلي أو معنوي أو أدائي أو حركي؟ أي أنه ينفذ على مستوى الشكل والملابس والشعر والماكياج والإكسسوار، فكل التزام متعلق بهذه الأشياء ينقص درجة أو أكثر في "المصيف"، فالملابس غير المسموح بها يسمح بها، والماكياج الصارخ للفتيات هو القاعدة، والإكسسوارات التي يخجل الشاب من أن يرتديها حول المعصم أو العنق يسمح بها.والشعر المرسل ذو الألوان الصارخة أو المنكوش أو ذو الطول أو القصر غير المقبول يسمح به أيضاً في المصيف، كما أن التصرفات الممنوعة مثل التأخر في الخارج حتى الصباح أو الذهاب للديسكو أو السهر في "الكافيه" مع الغرباء، أو الرقص مع هؤلاء وأولئك، أو قول واستقبال النكات الخارجة من هذه الفتاة أو هذا الشاب.. كل ذلك مسموح تحت عنوان "أجازة المصيف"..

وقبل ترك تلك النقطة أريد أن يدرك القراء الأعزاء أنني لست ضد السفر ولا الفسحة ولا قضاء وقت طيب ولا السهر بالخارج ولا الصحبة المرحة، ولكن كل ذلك يمكن تحقيقه في إطار صحيح ومقبول يكون للأهل فيه الرقابة القريبة والصارمة على تصرفات أبنائهم والإلمام بالمكان والصحبة التي حولهم، والموافقة على ذلك وتعديل التصرف فى الوقت المناسب من اللا مقبول إلى المقبول..

أما التخفف الذي قد يحمل الكارثة التي لا نريدها فهو بدوره يحدث في درجات أو لنقل "دركات"، وأردت أن أناقشها معكم اليوم لأن هذا ما يعنيني في المقام الأول، بحكم مهنتي وتخصصي من ناحية ، وأنني أم وأكره أن يقع مكروه لأي من أبنائنا أو بناتنا فنصبح جميعاً على ذلك نادمين بعد أن يحدث ذلك الشرخ أو الكسر في الجدار الذي نريده دائماً سليماً سوياً، فيكون أولادنا دائماً لنا فخراً وزخراً بدلاً من أن يصبحوا حملاً وعاراً..

سمو الإنسان..

إن من حكمة الله في خلقه أن يجعل الأبناء تحت إمرة ورعاية آبائهم حتى سن معينة، فلابد أن نتفكر في هذه الحكمة ونتوقف عندها قليلاً، بل لابد أن نتوقف عندها كثيراً ونذكر أنفسنا دائماً بها، فلماذا لم يجعل الله الإنسان كالحيوان يستقل بحياته بمجرد أن يعرف كيف يطعم نفسه؟! هذا لأن الله قد خلق للإنسان نظام الأسرة، وفضله بالعقل الذي يحكم صحة أو خطأ تصرفاته، وجعل الآباء أو الأمهات أحكم من الأولاد، لأنه سبحانه وتعالى جعل اكتساب الحكمة يزداد فتزداد الحكمة بدورها مع تقدم الزمن والأيام، وتكون في مراحل عدة ومختلفة ومتزايدة، وتكون أقل هذه المراحل حكمة هي المراهقة، ذلك لأن الإنسان يكون قد وصل إلى حجم الكبار، ولكن بعقل وحكمة سنين قليلة في هذه الدنيا، فتحدث عنده تلك البلبلة التي تصور له نفسه كأحد الكبار بمجرد أن أصبح في نفس طول الأم أو الأب أو أطول أو أضخم، ولذلك أوكل الله للكبار الاستمرار في تربية وتوجيه الصغار حتى الوصول إلى بر الأمان المسمى في علم النفس بـ "سن الرشد".. وبعد ذلك يبقى أيضاً الخطأ وارداً، ولكن هناك الأساس الصحيح الذي وضعه الكبار، ذلك الأساس الثابت الذي سيسهل عليه إعادة الأخطاء إلى الطريق السوي مرة أخرى..

عودة إلى "دركات الخطر" التي يجب الانتباه لها فسنجد أنها متدرجة، بمعنى أن أولاها ستؤدى إلى ثانيها..وهكذا، وبالمناسبة، يمكننا استدراك الخطأ عند أي منها، ولكن كلما كان ذلك فى البداية كان التراجع أسهل وأفضل، وكان الارتداد أو العودة إلى ذات الخطأ احتمالاً أبعد..

وسوف نكمل معاً فى العدد القادم وذلك بذكر أمثلة تفصيلية عن هذه "الدركات" مثل الاختلاط والتباسط اللفظى والفعلى والخلوة الآمنة وغيرها مما يمكن تقويمه ومتى؟!

كريم فوكس

» حتى لا يمل زوجك تعالى اتعلمى